«البوكيمون»... في كنف العائلة
د. أنطوان الشرتوني
Monday, 25-Jul-2016 00:04
لم يمرّ شهر واحد على ظهور لعبة «البوكيمون غو»، حتّى إجتاحت هواتفنا الذكية. وانتشر صيادو البوكيمون على الطرقات، في الشوارع والأزقة الضيقة، على السطوح، كما في الحدائق العامة، يبحثون عن بوكيمون ليصطادوها. ظهرت اللعبة في أواخر التسعينات وإشتهرت في العالم أجمع حتّى بروز «البوكيمون غو» منذ حوالى الأسبوعين في عدد كبير من البلدان. ما هي هذه اللعبة؟ ما تأثيرها النفسي في الإنسان؟ وما هي نقاطها الإيجابية والسلبية على أفراد العائلة؟
«بوكيمون غو» Pokémon Go لعبة يابانية، من إنتاج شركة نينتندو، أثارت ضجة كبيرة. تتألف كلمة «بوكيمون» من كلمتين وهما: Pocket أي جيب، وMonster أي الـ«الوحش»، وبالتالي كلمة بوكيمون تعني الوحش الصغير (بحجم الجيب أو الذي يوضع في الجيب).

كيف تلعب «البوكيمون غو»؟

بعد تحميل تطبيق هذه اللعبة على الهاتف الذكي، يبدأ اللاعب بالبحث عن البوكيمونات الموجودة في محيطه. يجب على اللاعب أن يلحق «بالبوكيمون» في المكان الموجود فيه، لإصطيادها. يمكن أن تكون البوكيمونات في أيّ مكان جغرافي - حقيقي: في الشارع، على سطح بناية، في حديقة الجيران أو حتّى في مرحاض مطعم ما.

المهم هو اللحاق بالبوكيمون للقبض عليها. من حسنات وميزات هذه اللعبة أنها تجعل اللاعب يركض ويبحث ويخرج من بيته ويتجوّل في شوارع مدينته، بحثاً عن البوكيمونات. وهذه الميزة لا نجدها في أيّ لعبة إلكترونية أخرى.

هل من نقاط إيجابية؟

نقاط إيجابية كثيرة تتميّز بها هذه اللعبة، منها تحفيز اللاعب على الخروج من بيته والبحث عن البوكيمونات في أماكن قريبة لم يكن يزورها أبداً أو حتى يعلم بوجودها. وتُنشّط «البوكيمون غو» اللاعب وتدفعه إلى المشي والبحث وحتى الركض لإصطياد البوكيمونات.

كما تدفعه للتعرّف الى أشخاص آخرين يلعبون ويصطادون البوكيمونات في المكان نفسه. فهذه اللعبة مختلفة كلّ الإختلاف عن الألعاب الإلكترونية التي تجعل اللاعب خمولاً، يجلس لساعات وساعات في مقعده، لا يحرّك إلّا أصابع يديه، يعاني من العزلة الإجتماعية وعدم التواصل، وتظهر عليه آثار سلبية مثل إعاقات في فقرات الرقبة والظهر وغيرها من التشنّجات الجسدية.

النقاط السلبية

في «البوكيمون غو» لم تعد «الدمى» تتحرّك على الشاشة وحسب، بل أصبح «بيكاتشو» موجوداً في الحياة الحقيقية للاعب وينتظره عند أقرب زاوية من بيته. دخلت التكنولوجيا في هذه اللعبة وحوّلتها إلى «قصة حقيقية» يعيشها اللاعب ما بين الواقع والخيال.

أما النقاط السلبية لهذه اللعبة حسب نظرة علم النفس المرضي، فهي:

*الهوس في اللعب والعثور على البوكيمونات قد يجعل اللاعب مدمناً ما يؤثّر فيه وفي حياته الإجتماعية.

*الخلط ما بين الواقع والخيال. وهذه نقطة حساسة إذ قد يسود إعتقادٌ بين اللاعبين بوجود هذه «الوحوش الصغيرة» أينما ذهبوا. وربما يؤدّي ذلك إلى توتر وقلق وصولاً إلى الهذيان خصوصاً عند الأشخاص الذين سيلعبون لساعاتٍ وساعات.

* تصيب جميع الألعاب الإلكترونية لاعبيها بالإنطواء والكآبة. ميزة «البوكيمون غو» أنها تحثّ اللاعب على الخروج من البيت والبحث عن «الوحوش»، ولكن هذا لا يعني بأنه لن يشعر ببعض من التعب النفسي والجسدي وصولاً إلى الكآبة بعد ساعات من اللعب المتواصل.

• يمكن أن يعاني مستخدمو هذه اللعبة من إضطرابات النوم وتظهر خصوصاً عند مدمني الألعاب الإلكترونية.

• يسيطر مبدأ «الشرّ والخير» على هذه اللعبة بالإضافة إلى «إصطياد الوحوش» و»قتلها» وإستخدام «أسلحة» وغيرها من المبادئ التي تنمّي العصبية والعدوانية عند اللاعبين على غرار جميع الألعاب الإلكترونية.

• على الصعيد التحليلي، تجعل لعبة «البوكيمون غو» من مستخدميها، أشخاصاً أنانيين لا يفكرون في شيء سوى إشباع حاجاتهم من هذه اللعبة، ما يؤجج المشكلات مع أفراد العائلة وخصوصاً بين الإخوة والأخوات، على عكس الألعاب الشعبية الجماعية التي يدعو فيها اللاعب الأصدقاء كلهم للعب معه. والمخاطر النفسية كثيرة منها إبتعاد اللاعب من الحياة الواقعية وظهور التوتر النفسي وبالإضافة إلى إضطرابات النوم... وغيرها من الإضطرابات التي يمكن أن تؤدي إلى مشكلات نفسيّة جمّة.

دور الأهل بين البوكيمونات وأطفالهم

لا بدّ أن يحدّد الوالدان فترة زمنية للعب بالاتفاق مع طفلهم، حتى لا يستغرق الطفل وقتاً طويلاً في اللعب، قد يؤدي لإدمانه. مثلاً يمكن أن تحدّد الأم فترة ما بين 15 دقيقة وساعة كحدٍّ أقصى للعب في اليوم الواحد خلال الفرصة الصيفية، بينما تمنع هذه الألعاب عن أولادها في بحر الأسبوع خلال السنة الدراسية، ويسمح للطفل أن يلعب لوقت محدَّد في عطلة نهاية الأسبوع.

يؤدّي الأهل دوراً مهماً جداً في إكتشاف مواهب أطفالهم، لذا يجب على الأم التقرّب من الطفل واكتشاف النشاطات الأخرى التي يمكن أن يمارسها، إذ يجب تنمية المهرات المتعددة عند الأطفال ومنها الرسم والموسيقى. والأهل هم المثل الصالح لأطفالهم، فإذا لاحظ الطفل بأنّ والديه يمارسان الرياضة بإنتظام كلّ يوم، سيتشجع ويقوم بالتمارين الرياضة تاركاً لعبته الإلكترونية.

بهذه الطريقة، يمكن إشغال الطفل عن لعبة «البوكيمون غو» بنشاطات أكثر فائدة. وأخيراً، تشجيع الطفل على إستبدال الألعاب الإلكترونية بألعاب تنمّي الخيال والإدراك كالمكعبات وألعاب الرياضة مثل كرة القدم وكرة السلة.
الأكثر قراءة